البيان الختامي الصادر عن المجلس الوطني للجمعية المغربية لحقوق الإنسان،
المجتمع في دورته الأولى بعد المؤتمر الوطني الحادي عشر، تحت شعار:
"مواصلة التعبئة الجماعية، والنضال الوحدوي، في مواجهة الهجمة المخزنية،
ومن أجل الكرامة وكافة حقوق الإنسان للجميع"
إن المجلس الوطني للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المجتمع في دورته الأولى بعد المؤتمر الوطني الحادي عشر بنادي هيئة المحامين بالرباط، يوم الأحد 16 أكتوبر 2016، تحت شعار "مواصلة التعبئة الجماعية، والنضال الوحدوي، في مواجهة الهجمة المخزنية، ومن أجل الكرامة وكافة حقوق الإنسان للجميع"؛ تأكيدا منه على التحدي الذي ما انفك يواجه كل المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان للوقوف في وجه الهجمة العدوانية على الحركة الحقوقية عامة، وعلى الجمعية ومناضليها ومناضلاتها وفروعها خاصة، وما يتطلبه الأمر من يقظة واستنهاض للقوى للارتقاء بأداء الفروع وتقويتها، مع إيلاء الأهمية للعمل الحقوقي الوحدوي المشترك مع الحركة الحقوقية والقوى الديمقراطية، للتصدي للانتهاكات المتصاعدة للحقوق والحريات، ونشر قيم وثقافة حقوق الإنسان الكونية وسط مختلف شرائح المجتمع؛
بعد وقوفه على المنع المغلف القاضي بحرمان الجمعية من عقد هذه الدورة بالمركب الدولي ببوزنيقة، من خلال مطالبة الإدارة بإذن من السلطات؛
وبعد استعراضه لمستجدات الوضع الحقوقي وأبرز السمات المميزة له دوليا وجهويا ووطنيا، واطلاعه على الوثائق المعروضة عليه ومناقشتها، خلص المجلس الوطني إلى ما يلي:
بخصوص الظروف التي انعقد فيها اجتماع المجلس الوطني فقد تميزت ب:
على المستوى الاقليمي والدولي:
استمرار الحروب المدمرة للإنسان والأرض والحضارة، وما تخلفه من مآس إنسانية بكل من سوريا، العراق، اليمن، ليبيا، جنوب السودان، وغيرها من مناطق النزاع، والتي تتحمل فيها المسؤولية القوى المتدخلة والحركات المسلحة والأنظمة القائمة؛
مواصلة الشعب الفلسطيني لنضاله من أجل الحرية والانعتاق، وتوالي مآسي الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية، في وقت تصر فيه الدولة المغربية على استمرارها في التطبيع مع الكيان الصهيوني، وعدم التجاوب مع مطالب الحركة الحقوقية، الداعية إلى سن قانون يجرم كافة أشكال التطبيع مع هذا الكيان؛
تواتر حالات الاعتداء العنصري تجاه المسلمين عبر العالم، وإقرار تدابير عنصرية في بعض الدول الأوروبية، كفرنسا وإيطاليا، تقضي بطرد من تعتبرهم متشددين من أصل مغربي، وسن قوانين تمييزية تمس حريات المسلمين بأوروبا؛
انعقاد المحكمة الدولية المواطنة (Tribunal international citoyen) التي نظمها المجتمع المدني وحركة حقوق الشعوب بلاهاي ضد الشركة الأمريكية "مونسانتو" المتهمة من طرف العديد من الخبراء والكثير من ضحاياها بإنتاجها وتسويقها لبذور نتج عنها انتهاك صارخ لصحة مستهلكيها والمصنفة من طرف الخبراء جرائم ضد الإنسانية وإبادة إيكولوجية (écocide)؛ ودعم الجمعية للمجهودات العالمية من أجل جعل حد للجرائم البيئية وضمان حماية السكان من جشع الشركات المتعددة الاستيطان، ومن ضمن تلك المجهودات المفاوضات التي سيعرفها مجلس حقوق الإنسان خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر من أجل إصدار وثيقة معيارية تحد من الإفلات من العقاب الذي تتمتع به الشركات الإنتاجية العالمية في خرقها السافر لحقوق الإنسان وتورطها في انتهاكات جسيمة لها.
على المستوى الوطني:
- الانخراط المتزايد للجمعية في كل المبادرات الدولية الرامية إلى تطوير المعايير والآليات الدولية لحقوق الإنسان، وتوسيع دائرة تنسيقها مع المنظمات الحقوقية الوطنية والإقليمية في مجال الترافع أمام لجن الاتفاقيات والهيئات الأممية المعنية بحقوق الإنسان؛
- إجراء الانتخابات التشريعية يوم 7 أكتوبر في ظل منظومة قانونية لا ديمقراطية، وتحت إشراف وزارة الداخلية، ضدا على مطالب الحركة الحقوقية الداعية إلى هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات؛ وهي المحطة التي عرفت عددا من الخروقات تجلت في شيوع مظاهر العنف والقذف والتخريب وتسخير البلطجية، والتدخل المفضوح لبعض رجالات وأعوان السلطة للدعاية لمرشحين معينين، واللجوء لاستعمال المال ومختلف وسائل الإغراء، لاستمالة الناخبات والناخبين وشراء أصواتهم؛ هذا علاوة على الحياد السلبي للسلطات المعنية في التعاطي مع عدد من التجاوزات، المتمثلة في استغلال الدين واستخدام المساجد في الدعاية للمرشحين وللمشاركة في الانتخابات، وتوظيف بعض المرشحين لسيارات ومقرات وممتلكات الدولة في دعاياتهم، أثناء الحملة الانتخابية، والإجهاز على الرأي الداعي لمقاطعة الانتخابات؛
- تمرير العشرات من مشاريع القوانين، التي سترهن المجتمع المغربي للسنوات القادمة، من طرف لجن أو مجلسي البرلمان أو مجلس الوزراء والمجلس الحكومي، في الأيام الأخيرة من عمر البرلمان، وفي تجاهل تام لمطالب الحركة الحقوقية والهيئات والمنظمات المعنية بتلك القوانين؛
- تعميق التراجعات في مجال الحريات والحقوق، ومواصلة الدولة لحملتها العدوانية على الحركة الحقوقية المغربية، وبعض المنظمات الدولية لحقوق الإنسان (التحالف الدولي للحقوق والحريات، أطاك المغرب، الهيئة المغربية لحقوق الإنسان، الجبهة الوطنية لمحاربة التطرف والإرهاب، منظمة العفو الدولية)؛
- إمعان السلطات في رفض تسلم ملفات، أو تسليم وصولات الإيداع لمكاتب العديد من فروع الجمعية والجمعيات الأخرى، في تحد واضح للقانون ورغم الأحكام الصادرة في الموضوع؛
- استمرار الدولة في قمع المظاهرات والحركات الاحتجاجية للسكان في العديد من المدن والمناطق (سيدي بيبي، أزمور، إفني، إميضر ...) وللحركات الاجتماعية (10 آلاف إطار، تنسيقيات إسقاط خطة التقاعد، المعطلون، الطلبة المهندسون...)، المنتفضين ضد تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وضد الحيف والتهميش والفساد ونهب الثروات، ومن أجل الحرية والكرامة وكافة الحقوق، مع الاعتداء على المواطنين والتضييق على المدافعين على حقوق الإنسان، واعتقالهم ومتابعتهم بتهم مفبركة للزج بهم في السجن، وإسكات صوتهم الفاضح لممارسات الدولة المنتهكة لحقوق الإنسان، والمنادي باحترام حقوق المواطنات والمواطنين؛
- تواصل الاعتقال السياسي والمحاكمات غير العادلة، وانتهاك الحق في التظاهر السلمي والحق في التعبير وحرية التنظيم والمعتقد والحقوق الفردية، والتضييق على الصحافة والصحافيين، واستمرار الإفلات من العقاب لمنتهكي حقوق الإنسان والمتورطين في العنف ضد المتظاهرين، أفرادا وأجهزة ومسؤولين؛
- استمرار انتهاك حقوق السجناء، بسبب التنقيلات والإجراءات الإدارية المهينة لكرامتهم أثناء عمليات التفتيش، وما رافقها من إضرابات متتالية للطعام واحتجاجات وتجاهل الدولة لمطالب المعتقلين المعنيين؛
- التعثرات المتعددة، والظروف المقلقة والكارثية التي عرفها الدخول المدرسي والجامعي، والمتمثلة في النقص في الأطر والاكتظاظ وعجز المؤسسات التعليمية والكليات عن استقبال آلاف التلاميذ والطلبة، والشطط في اتخاذ القرارات وشحن الأجواء بعناصر الاحتقان؛ فيما يجري تطبيق سياسة عمومية تستهدف ضرب المدرسة العمومية؛
- الاحتجاجات جراء قلة الماء الصالح للشرب بعدة مناطق، مما يفند المعطيات الرسمية ونسبها المرتفعة جدا، المتعلقة بتزويد السكان بالماء الصالح للشرب؛
- عجز الدولة عن حماية حقوق العمال من التسريحات الجماعية والطرد التعسفي دون أي سند قانوني، وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح العديد منهم، كما حصل في العديد من المدن، واستمرار معاناة العمال الزراعيين من ظلم القانون وشروط العمل الصعبة؛
- إصرار الدولة على الإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات، ومباشرتها للاقتطاعات من أجور الموظفين، بعد تمرير قانون ما سمي بإصلاح التقاعد؛
- تفاقم الأوضاع المزرية للمستشفيات العمومية والمراكز الصحية، جراء غياب أو قلة التجهيزات وبنيات الاستقبال والأطر الطبية؛ مما يضطر المواطنات إلى الوضع في ظروف لا إنسانية أو أحيانا في الشارع العام، ويهدد الحق في الحياة؛
- مواصلة الدولة تسييدها، قانونيا وعمليا، للتمييز القائم على أساس الجنس، وإخفاقها في الحد من مظاهره والانتقال نحو مجتمع المساواة التامة في الحقوق؛ الأمر الذي يشجع على استمرار العنف ضد النساء والاعتداء عليهن جنسيا، مع عدم توفير الحماية اللازمة للنساء المهاجرات؛
- الانتهاكات الخطيرة التي تتعرض لها الطفلات والأطفال، ضحايا الاغتصاب والاستغلال الجنسي في العديد من المناطق، في ظل تساهل القانون والقضاء مع المجرمين، وافتقار الدولة إلى خطة شاملة لتطويق الظاهرة ومعالجتها من كل جوانبها التربوية والتشريعية والقانونية والقضائية؛
- استمرار المآسي الناتجة عن الهجرة غير النظامية، التي تودي بحياة العديد من المهاجرين، وخاصة من دول جنوب الصحراء، والتعاطي السيئ للدولة مع قضايا الهجرة واللجوء، واستمرارها في لعب دور الدركي الحامي للحدود الأوروبية، مع تواصل معاناة المهاجرين عبر العالم واتساع خطابات الكراهية والعنصرية اتجاههم، وما ينتج عن ذلك من اعتداءات وترحيلات واتجار بهم؛ وتزايد معاناة المهاجرين المغاربة من جراء السياسات العنصرية، ومن الاستغلال البشع وسوء المعاملة، خاصة في بلدان الخليج حيث تعاني النساء من ظلم مزدوج؛
واستنادا عليه، فإن المجلس الوطني يعلن ما يلي:
- ضرورة احترام الدولة المغربية لالتزاماتها الدولية في مجال احترام حقوق الإنسان، والقطع النهائي مع إشراف وزارة الداخلية على الانتخابات، وتكليف هيئة مستقلة للقيام بذلك، ومراجعة القوانين الخاصة بها، ضمانا للشفافية والسلامة والنزاهة؛
- تجديد التضامن مع كل المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان ببلادنا من طلبة ومناضلين نقابيين وحقوقيين وصحفيين، ضد التعنيف الذي يطالهم؛ وتطالب بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، ووقف كل المتابعات في حق النشطاء، ووضع حد للاعتقال السياسي؛
- إدانة استمرار الشطط في استعمال السلطة في العديد من المناطق، وما يخلفه من ضحايا في الأوساط الفقيرة والمهمشة، وإعمال مبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب؛
- دعم النضالات العمالية والنقابية والاجتماعية ضد قوانين الإجهاز على التقاعد والحق في الإضراب؛ ومن أجل الاستقرار في العمل، ووقف التسريحات الجماعية والطرد التعسفي، والرفع من الأجور، واحترام الحريات النقابية، وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح العمال، والكف عن هدم مساكن وبيوت المواطنين التي تم تشييدها دون ترخيص بمباركة وأمام أعين السلطات، دون إيجاد البدائل للمتضررين؛
- تثمين عمل الجمعية خلال الفترة الفاصلة بين المؤتمر الوطني الحادي عشر والدورة الأولى للمجلس، فروعا ومركزيا؛ موجها نداءه إلى كافة فروع الجمعية المحلية والجهوية للمزيد من التعبئة للتصدي للانتهاكات، التي تطال الحقوق والحريات، ومواجهة وفضح أعداء حقوق الإنسان، وتقوية ذات الجمعية وتحصينها من المتربصين بها؛
- استعداد الجمعية للعمل المشترك إلى جانب كل القوى الديمقراطية والمناضلة للحد من اتساع دائرة التراجعات التي تستهدف المكتسبات المحققة بفضل نضالات الشعب المغربي، والوقوف في وجه هجمة الدولة على الحركة الحقوقية الوطنية ومصادرة الحق في التنظيم والتجمع، في محاولة لتكريس واقع الردة الحقوقية وتسقيف المطالب، ضدا على تطلعات وآمال المواطنات والمواطنين، في مجتمع يتسع للكل، ويضمن كافة الحقوق للجميع.
المجلس الوطني للجمعية المغربية لحقوق الإنسان
الرباط في 16 أكتوبر 2016
http://www.amdh.org.ma/ar/communiques-ar/com-cn1-16-10-16
0 التعليقات:
إرسال تعليق