بيان الجمعية المغربية لحقوق الانسان
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ـــــــــــــــــــــــــــــــ
تحت شعار: "نضال وحدوي ومستمر من أجل إقرار المساواة
الفعلية بين الجنسين"
تحيي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى جانب الحركة الحقوقية والديمقراطية
العالمية التواقة للتحرر والمساواة، اليوم العالمي للمرأة، كمحطة في
سيرورة نضالية طويلة خاضتها نساء العالم عبر التاريخ، وكمناسبة لتقييم أوضاع النساء وحجم المكتسبات
المحققة، ولرسم الآفاق المستقبلية للنضال من أجل التحرر والمساواة والكرامة
الإنسانية.
ويحل اليوم العالمي لحقوق المرأة هذا العام في ظل مناخ دولي وإقليمي يحفل
بالعديد من المخاطر على وضعية النساء، ويشكل تهديدا لكل المكتسبات التي حققتها.
فاتساع وتعميق العولمة الرأسمالية، وتصعيد السياسة العدوانية للإمبريالية على شعوب
العالم؛ سواء عبر التدخل السافر في شؤونها الداخلية، أو من خلال فرض الحصار
وإملاءات المؤسسات المالية عليها، باتت تمثل مصدر تهديد لكل المكاسب التي انتزعتها
النساء بفضل كفاحاتهن الطويلة والمريرة، وعامل تدهور على وضعيتهن؛ بحيث تنعكس
عليهن وبشكل مضاعف، كل تداعيات سمات هذا الوضع العام الذي يتنافى وشروط تحقيق
الديمقراطية والمساواة والتنمية والسلم.
وعلى المستوى المحلي، فالسياق العام الذي تحل فيه ذكرى 8 مارس، وكل المؤشرات تدل على أن
الدولة المغربية ماضية بثبات نحو الإجهاز على المكتسبات، وتكريس اختيارات تنتج
المزيد من انتهاكات حقوق المرأة وحقوق الإنسان بوجه عام في كافة المجالات.
ففي مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، يتضح أن
الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية للدولة المغربية القائمة على التبعية لمراكز
الرأسمال العالمي وتوصيات البنك والصندوق الدوليين، فضلا عن تفشي اقتصاد الريع
والفساد؛ لم تنتج إلا المزيد من توسيع دائرة الفقر والتهميش والعطالة والأمية،خاصة
في صفوف النساء، بل صارت تهدد حقهن في الحياة والعيش الكريم، من خلال استمرار
حالات الحمل والولادات دون رعاية طبية، وتواتر حالات العنف والعنف الجنسي
والاغتصاب للنساء والفتيات القاصرات، وانتهاك الحقوق الشغلية للنساء العاملات
وتعريضهن للتسريح الجماعي ولقساوة ظروف العمل بالنسبة للعاملات الزراعيات، وحرمان
النساء المهاجرات من حقوقهن؛ وهو ما أدى إلى اندلاع موجات من الحركات
الاحتجاجية في العديد من المناطق بمشاركة وازنة للنساء، من أجل الحق في التنمية
والتعليم والصحة السكن، والحق في الأرض والماء. وهي احتجاجات بدلت خلالها النساء
تضحيات كبيرة، بلغت حد التعرض للاعتقال والمحاكمة.
أما على صعيد الحقوق المدنية والسياسية، فرغم النضالات التي
خاضتها الحركة النسائية والحقوقية، وكل مكونات قوى التقدم بالبلاد، منذ سنوات، وإن
حققت بعض المكتسبات الجزئية والهشة، إلا أنها لم تفض إلى تغيير جوهري في الوضع الحقوقي
للمرأة، سواء على مستوى التشريعات أو في الواقع؛ فالعديد من القضايا
الجوهرية في ملف المساواة لا زالت عالقة، نذكر منها:
- عدم رفع كل
التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فيما تمت إعادة صياغة بعضها في
شكل إعلانات، بدعوى الخصوصية الثقافية والدينية؛
- التنصيص الدستوري على سمو المواثيق الدولية وعلى
المساواة بين الجنسين جاء مكبلا بثوابت سياسية وثقافية ودينية أفرغته من مضمونه؛
- إن الأساس المرجعي القائم على التمييز على
أساس الجنس والعقيدة طبع السياسة التشريعية للدولة المغربية في مجال حقوق المرأة،
وهو ما تثبته مجمل
القوانين المعمول بها (الدستور، مدونة الأسرة والقانون الجنائي)؛ بينما المستجد
منها، كقانون محاربة العنف ضد المرأة، وقانون محاربة الاتجار في البشر وقانون
عمال المنازل تعتبر كلها قوانين لا تتسق والمعايير الدولية؛ فيما يجري الإجهاز على بعض المكتسبات، على
جزئيتها وهشاشتها، من قبيل تخفيض سن الزواج إلى 16 سنة في عملية استغلال للارتفاع
المستمر لنسبة تزويج الطفلات.
بناء على
ما سبق، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تحتفي بهذه المناسبة:
1. تدعو الدولة
إلى مسؤولية ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة، وحمايتها من
العنف، وذلك بسن سياسات بديلة كفيلة بالاستجابة للحاجيات الأساسية لعموم المواطنين
والمواطنات؛
2.
تجدد مطلبها المتعلق بالرفع الكلي لجميع صيغ
التحفظ على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وملاءمة كافة
التشريعات المحلية معها واستكمال الإجراءات المتعلقة بالمصادقة على البروتوكول
الاختياري المتعلق بها؛
3.
تؤكد على أن إقرار دستور ديمقراطي ينص على فصل
حقيقي بين السلط وبين الدين والدولة، وعلى سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان
وعلى المساواة بين الجنسين، بدون أي قيد أو شرط، هو المدخل الأساسي لإقرار
المساواة في الحقوق المدنية والسياسية بين الجنسين؛
4.
تحيي عموم نساء المغرب المكافحات في مواقعهن من
أجل الحياة بكرامة، وتثمن مجهودات الحركة النسائية والحقوقية وكل القوى
الديمقراطية الغيورة على حقوق المرأة وحقوق الإنسان؛
5.
تحيي نساء فلسطين كجزء من الشعب الفلسطيني
المقاوم للعدوان والاستيطان الصهيوني؛
6.
تعبر عن تضامنها مع نساء العالم في المنطقة
العربية والمغاربية والأفريقية جنوب الصحراء، وفي أمريكا اللاتينية وأسيا، في
نضالهن من أجل تحررهن، وتحرر شعوبهن من التبعية والهيمنة الإمبريالية ومن أجل الحق
في السلم والتنمية والمساواة.
المكتب المركزي
الرباط، في 08
مارس 2019